الانزلاق السعري

الانزلاق السعري في تداول العقود الآجلة: دليل شامل للمبتدئين

مقدمة

يشكل تداول العقود الآجلة جزءًا حيويًا من الأسواق المالية العالمية، حيث يتيح للمتداولين والمستثمرين فرصة المضاربة على أسعار الأصول المختلفة، سواء كانت سلعًا مثل النفط والذهب أو مؤشرات أسهم مثل S&P 500 أو سندات الحكومة. من بين التحديات التي تواجه المتداولين في هذا السوق، يبرز مفهوم الانزلاق السعري (Slippage) كعامل مهم يجب فهمه وإدارته بفعالية. هذا المقال يهدف إلى تقديم شرح شامل لـ الانزلاق السعري، أسبابه، وأنواعه، وكيفية تقليله، مع التركيز على تداول العقود الآجلة.

ما هو الانزلاق السعري؟

الانزلاق السعري هو الفرق بين السعر المتوقع لتنفيذ أمر تداول والسعر الفعلي الذي تم تنفيذه به. بعبارة أخرى، هو الفرق بين السعر الذي تراه على الشاشة عند إدخال أمرك والسعر الذي يتم به تداول العقد الآجل فعليًا. قد يكون الانزلاق السعري إيجابيًا أو سلبيًا، ولكنه غالبًا ما يكون سلبيًا، مما يعني أنك تحصل على سعر أسوأ مما توقعت.

مثال

لنفترض أنك ترغب في شراء عقد آجل للنفط بسعر 80 دولارًا للبرميل. قمت بإدخال أمر شراء عند هذا السعر، ولكن بسبب تقلبات السوق أو قلة السيولة، تم تنفيذ أمرك في النهاية بسعر 80.05 دولارًا للبرميل. في هذه الحالة، يكون الانزلاق السعري هو 0.05 دولارًا للبرميل.

أسباب الانزلاق السعري

هناك عدة أسباب رئيسية تؤدي إلى حدوث الانزلاق السعري في سوق العقود الآجلة:

تقلبات السوق : عندما يكون السوق متقلبًا للغاية، تتغير الأسعار بسرعة كبيرة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى أن السعر قد تحرك بعيدًا عن السعر الذي رأيته عند إدخال أمرك قبل أن يتم تنفيذه.
قلة السيولة : تشير السيولة إلى مدى سهولة شراء أو بيع أصل ما دون التأثير بشكل كبير على سعره. عندما تكون السيولة منخفضة، قد يكون من الصعب العثور على مشتر أو بائع يرغب في تداول الكمية التي تريدها بالسعر الذي تريده.
حجم الأمر : إذا كان حجم الأمر الذي تقدمه كبيرًا جدًا مقارنة بالسيولة المتاحة في السوق، فقد يؤدي ذلك إلى الانزلاق السعري. هذا لأنك قد تحتاج إلى ملء أمرك عبر عدة مستويات سعرية مختلفة.
سرعة التنفيذ : يمكن أن تؤثر سرعة تنفيذ الأمر أيضًا على الانزلاق السعري. إذا كان هناك تأخير في تنفيذ أمرك، فقد يتغير السعر بشكل كبير خلال تلك الفترة.
فجوات الأسعار (Gaps) : تحدث فجوات الأسعار عندما يكون هناك قفزة كبيرة في السعر بين إغلاق التداول في يوم ما وفتح التداول في اليوم التالي. يمكن أن تؤدي هذه الفجوات إلى الانزلاق السعري، خاصة إذا كان لديك أوامر معلقة (أوامر وقف الخسارة أو أوامر الحد).
تأثيرات أوامر السوق : الأوامر الكبيرة التي يتم إدخالها في السوق يمكن أن تؤثر على الأسعار وتتسبب في الانزلاق السعري للمتداولين الآخرين.

أنواع الانزلاق السعري

يمكن تصنيف الانزلاق السعري إلى نوعين رئيسيين:

الانزلاق السعري الإيجابي : يحدث عندما يتم تنفيذ أمرك بسعر أفضل من السعر الذي توقعته. على سبيل المثال، إذا كنت تشتري بسعر 50 دولارًا وتم التنفيذ بسعر 49.95 دولارًا. هذا النوع من الانزلاق السعري مفيد للمتداولين.
الانزلاق السعري السلبي : يحدث عندما يتم تنفيذ أمرك بسعر أسوأ من السعر الذي توقعته. على سبيل المثال، إذا كنت تشتري بسعر 50 دولارًا وتم التنفيذ بسعر 50.05 دولارًا. هذا النوع من الانزلاق السعري ضار للمتداولين.

كيفية تقليل الانزلاق السعري

هناك عدة استراتيجيات يمكنك استخدامها لتقليل الانزلاق السعري في تداول العقود الآجلة:

استخدام أوامر الحد : أوامر الحد تحدد السعر الأقصى الذي ترغب في شرائه به أو السعر الأدنى الذي ترغب في بيعه به. على الرغم من أن أوامر الحد قد لا يتم تنفيذها دائمًا، إلا أنها يمكن أن تساعد في تجنب الانزلاق السعري السلبي.
استخدام أوامر الإيقاف (Stop Orders) بحذر : أوامر الإيقاف تتحول إلى أوامر سوقية عندما يصل السعر إلى مستوى معين. يمكن أن تكون أوامر الإيقاف مفيدة للحد من الخسائر، ولكنها يمكن أن تؤدي أيضًا إلى الانزلاق السعري، خاصة في الأسواق المتقلبة.
التداول خلال ساعات السيولة العالية : عادةً ما تكون السيولة أعلى خلال ساعات التداول الرئيسية، مما يقلل من احتمالية الانزلاق السعري.
تقسيم الأوامر الكبيرة : بدلاً من إدخال أمر كبير واحد، يمكنك تقسيمه إلى عدة أوامر أصغر. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل تأثير أمرك على السعر.
اختيار وسيط موثوق به : اختر وسيطًا يوفر تنفيذًا سريعًا وموثوقًا للأوامر.
المراقبة المستمرة للسوق : راقب السوق عن كثب وكن على دراية بتقلبات الأسعار.
استخدام استراتيجيات التحوط (Hedging) : يمكن أن تساعد استراتيجيات التحوط في تقليل المخاطر المرتبطة بـ الانزلاق السعري.

تأثير الانزلاق السعري على استراتيجيات التداول

يؤثر الانزلاق السعري بشكل كبير على فعالية العديد من استراتيجيات التداول. على سبيل المثال:

Scalping : تعتمد استراتيجية Scalping على تحقيق أرباح صغيرة من خلال إجراء عدد كبير من الصفقات. يمكن أن يكون الانزلاق السعري السلبي مدمرًا لهذه الاستراتيجية، حيث يمكن أن يمحو الأرباح الصغيرة بسرعة.
Day Trading : يعتمد Day Trading على الاستفادة من تقلبات الأسعار خلال يوم واحد. يمكن أن يؤثر الانزلاق السعري على دقة نقاط الدخول والخروج، مما يقلل من الربحية.
Swing Trading : تعتمد استراتيجية Swing Trading على الاحتفاظ بالصفقات لعدة أيام أو أسابيع. على الرغم من أن الانزلاق السعري قد يكون أقل أهمية في هذه الاستراتيجية، إلا أنه لا يزال عاملاً يجب مراعاته.
Position Trading : تعتمد استراتيجية Position Trading على الاحتفاظ بالصفقات لفترة طويلة. في هذه الحالة، قد يكون الانزلاق السعري أقل تأثيرًا بشكل عام، ولكن يجب مراقبته عند الدخول والخروج من الصفقات الكبيرة.

كيفية قياس الانزلاق السعري

هناك عدة طرق لقياس الانزلاق السعري:

الفرق المطلق : ببساطة، الفرق المطلق بين السعر المتوقع والسعر الفعلي.
الفرق النسبي : يتم حسابه بقسمة الفرق المطلق على السعر المتوقع.
متوسط الانزلاق السعري : يتم حسابه عن طريق جمع جميع حالات الانزلاق السعري وتقسيمها على عدد الصفقات.

أدوات تحليلية لمراقبة الانزلاق السعري

تحليل حجم التداول (Volume Analysis) : يساعد في تحديد السيولة المتاحة في السوق.
التحليل الفني (Technical Analysis) : يساعد في تحديد نقاط الدعم والمقاومة المحتملة، مما يمكن أن يساعد في توقع تقلبات الأسعار.
الرسم البياني للشمعة اليابانية (Candlestick Charts) : يساعد في تحديد أنماط الأسعار التي قد تشير إلى الانزلاق السعري.
Depth of Market (DOM) : يعرض قائمة بأوامر الشراء والبيع المعلقة، مما يوفر نظرة ثاقبة للسيولة المتاحة.